أن يفجّر انتحاري نفسه على حاجز لقوى الأمن الداخلي وفي هذا الظرف السياسي الذي يمر به لبنان، فذلك ليس من باب الصدفة أبدًا. وأن تسبق وقوع الإنفجار بدقائق قليلة حملة مداهمات في الحمرا قيل في البداية إنها تستهدف مجموعة إرهابية لتعلن القوى الأمنية فيما بعد أنها أطلقت سراح الموقوفين الذين تخطى عددهم المئة مبقيةً على أربعة منهم فقط، ليست صدفة أيضاً. أما أن يتم إطلاق النار على حافلة في عكار، وتقفل كافة الطرقات في بيروت، في اليوم ذاته لوقوع إنفجار ضهر البيدر، فهو أيضاً وأيضاً ليس صدفة. هي قناعة ثابتة لدى تكتل "التغيير والإصلاح" الذي بدأ يتلمّس من هذا المشهد الأمني المشتعل، مشروعاً يستهدف كلّ ما يطالب به من عناوين سياسية وإستحقاقات داهمة.
"الإنفجار الأمني يعني عسكرة رئاسة الجمهورية من جديد وعودة النغمة المطالبة بتولي العماد جان قهوجي سدة الرئاسة على إعتبار أن الجيش هو الضامن الوحيد للأمن، وقائده غير محسوب سياسياً على أي فريق من فريقي النزاع"، تقول أوساط التكتل، معتبرةً أنّ "هذا السيناريو الأمني يهدف أولاً الى قطع طريق القصر الجمهوري أمام العماد ميشال عون الممثل الأول للمسيحيين، وثانياً الى تزكية قائد الجيش على المرشح الجدي الوحيد، على إعتبار أن مغامرة رئيس حزب "القوات" سمير جعجع انتهت، وانتهى أيضاً دور النائب هنري حلو الذي أراده رئيسه النائب وليد جنبلاط".
ليس ترشيح رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" فقط هو المستهدف من هذا السيناريو الأمني، بحسب قراءة التكتل، بل الإنتخابات النيابية أيضاً. وفي هذا السياق، تتابع المصادر عينها، "عندما حصل التمديد لمجلس النواب وكان التكتل المتصدي الوحيد له، برّر الممدّدون خطوتهم بالوضع الأمني، وأن الأحداث الدموية اليومية تمنع حصول الانتخابات في عكار وطرابلس وغيرها من المناطق المشتعلة، واليوم سيفسح شبح التفجيرات العائد كما الشبكات الإرهابية و"داعش" المجال أمام رافضي إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها للعودة الى هذه الحجة والتمديد مرة أخرى لمجلس العام 2009 الذي يريد رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط بقاءه، وكذلك تيار "المستقبل"، بهدف الإبقاء على المعادلات النيابية القائمة".
السيناريو الأمني لن يتوقف، لأنّ أجهزة محلية وإقليمية أعادت تحريكه للغايات المذكورة أعلاه، وعلى رغم تخوّف التكتل من إرتفاع منسوب أحداثه مع إقتراب موعد دعوة الهيئات الناخبة، فالخوف هذه المرة من تسوية على حسابه، غير موجود، ما دام حصل على التطمينات اللازمة من حليفه "حزب الله"، القادر على عرقلة نصاب أي جلسة لإنتخاب رئيس لا يمثل حقيقةً المسيحيين.